اليرقة هي أحد أطوار النمو في العديد من الكائنات الحية كالفراشات وبعض البرمائيات: وفيه يكون الكائن الحي صغيراً وضعيفاً فلا يتعدى طولها بضعة سنتيمترات، فكيف تستطيع هذه اليرقات الصغيرة البقاء في بيئة شديدة التوحّش كالغابات في مواجهة الطيور المفترسة وآلاف الكائنات الجائعة الاكبر منها حجماً؟!!
الإجابة مدهشة للغاية فتخيلوا أن بعض تلك الكائنات تتنكر في شكل أفاعي لتخيف اعدائها!
فما تبدو في الصورة كأفعى هي في الحقيقة مجرد يرقة متنكرة!! تقوم تلك اليرقات بتكوين أعين مزيفة عند أطرافها لتحاكي اشكال الافاعي والزواحف السامة، حتى تضمن عدم اقتراب أي كائنات مفترسة منها، فإن لم تكن قادراً على مواجهة أعدائك قم بإخافتهم!
تُعرف هذه اليرقة باسم هيريموبلينز ترييبتوليموس (لنسمّيها نحن هيري) وهي واحدة من أكثر من 15,000 نوع (نعم خمسة عشر ألف!) من اليرقات التي تم اكتشافهاا في مساحة لا تتعدى 77 ميلاً مربعاً في كوستاريكا! وهذه صورة أخرى أكثر وضوحاً لهيري:
تم اكتشاف هذه الطريقة المدهشة للمرة الأولى بواسطة المستكشف البريطاني هنري والتر في القرن التاسع عشر، حيث لاحظ والتر أن هناك فراشات ملونة تقوم بمحاكاة فراشات سامة تتجنبها الكائنات المفترسة، حتى تأمن على نفسها من هجوم هذه الكائنات.
حتى أتى العام 1978 حين اكتشف د. دانييل جينزين عن طريق المصادفة ثروة من هذه اليرقات في كوستاريكا، ليبدأ في دراستها على مدار الأعوام الماضية مع طلبته في جامعة بنسلفينيا. المدهش أن بعض اليرقات تبرع في ذلك فلا تكتفي بتلوين اجسامها بل تقوم بنفخ أطرافها لتحاكي رؤوس الأفاعي فتبدو أكثر إقناعاً:
لاحظوا كيف أصبحت العين هنا أكثر واقعية فاكتسبت ملمساً مختلفاً وليس فقط مناطق لونية! والمدهش كذلك أن العلماء اكتشفوا أن بعض هذه اليرقات تتحرك وتهتز مثل الأفاعي لتبدو أكثر إقناعاً، ولاحظ العلماء بالفعل أن الطيور تخشى هذه اليرقات المتنكرة فتطير بعيداً عنها.
كائنات صغيرة وغير عاقلة لكنها بفطرتها التي فطرها الله عليها قادرة على إثارة دهشتنا بعبقرية ما تصنع، فسبحان من علّمها ذلك وتبارك الله أحسن الخالقين