tito007 | التاريخ: السبت, 2013-10-12, 1:44 PM | رسالة # 1 |
فريق أوّل
مجموعة: المشرفين
رسائل: 58
حالة: Offline
| (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) دكتور عثمان قدري مكانسي
قال الولد لأبيه : ألا ترى إلى جارنا قد قلّ ماله ، وكاد يخسر كل تجارته. قال الوالد : نسأل الله أن يحفظه ومالَه ، فمن علائم الإيمان – يا بني – أن تدعو لأخيك المؤمن ما ترغبه لنفسك . قال الابن : ليس هذا ما أردتُ يا أبي ، وإن كنت أدعو له بالرزق الوافر. قال الأب : وما الذي أردتـَه يا بني من ذلك؟ قال الابن : أردتُ أن انبهك إلى أنني طالبتُه بدين لنا عليه ، فسكتَ والألم باد في وجهه ، ثم طلب أن نؤجله قليلاً . قال الأب : كان عليك – وقد عرفتَ حاجته – أن تـُنظره، لا أن تحرجه . قال الابن : إن انتظارنا فترة أخرى قد يجعلنا نخسر مالنا حين يفتقر تماماً ، فرغبت استنجازه قبل أن يضيع كل شيء . قال الأب : إنك بهذا تزيد الطين بلة ، وتؤذيه . قال الابن : ولكنه حقنا ؛ با أبي . قال الأب : أين أنت من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار " حتى كاد أن يورّثه " وأين حُسنُ العِشرة؟!... إن الله يسأل عن صحبة ساعة ... أين أنت كذلك من قول الله تعالى " وإن كان ذو عُسرة فنَظِرَةٌ إلى ميسرة "؟ - الابن ساكت – أردف الأب قائلاً : أتحب – لوكنت مكانه – أن يطالبك بمثل ما تُطالبه ؟! - ظل الابن ساكتاً – واستمر الأب قائلاً بصيغة السؤال : أتدري جزاء من يتجاوز عن المُعسر ؟ قال الابن متسائلاً في حياء : وما جزاؤه يا أبَتِ ، حفظك الله مربياً ومعلماً ؟ قال الأب : جزاؤه الجنة ، وقبل ذلك غفران الله وعفوه اللذان يكونان سبباً في دخول الجنة . قال الابن : كيف ذلك يا والدي ، وضح جزاك الله الخير والجنة . قال الأب : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه المعتاد في الروضة المشرفة بعد الصلاة يعلم الناس ، ويعظهم أن يكونوا يداً واحدة ، ومجتمعاً متكافلاً فقال : حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم ، كان غنياً موسراً ، آتاه الله مالاً وافراً ، فلما وقف بين يدي الله تعالى قال الله سبحانه له – وهو أعلم بما فعل - : ماذا عملت في الدنيا فيما آتيتك من مال ؛ يا عبدي ؟ قال : هل أستطيع أن اكتمك- يا رب - حديثاً ، وأنت علام الغيوب ؟ .. تعلم ما كان وما يكون ، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون . !! كنت – يا رب – حين آتيتني مالاً أبايع الناس ، وأنت نُصب عيني ، فأعاملهم معاملة هينة لينة ، أتجاوز عن هفَواتهم ، وأتيسّر على الموسر ، وأُنظرُ المعسر . قال تعالى : فهل مَن يشهد على ذلك ؟ قال الرجل : كنت أقول لفتاي : إذا أتـَيتَ معسراً فتجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا . قال تعالى : فلم كنت تفعل هذا يا عبدي ؟ قال الرجل : ليس لي من عمل الخير إلا القليل ، فقلتُ : أُيَسّر على عباد الله ، فيُيَسّرَ الله عليّ . قال تعالى : أنا عند حسن ظن عبدي بي ، وأنا أحق بذا منه ... تجاوزوا عن عبدي ... فأدخلتْه الملائكة الجنّة معزّزاً مكرّما . قال الابن : فاز الرجل إذ ِاشترى الآخرة بالدنيا . قال الأب : أفلا تقتفي أثَره ، ونسير على خُطاه ، يا ولدي ؟ قال الابن : بلى يا والدي ، جزاك الله عني كل خير ، وأدخلني وإياك في زمرة عباده الصالحين ، وأظلّنا يوم القيامة تحت عرشه ، يوم لا ظلّ إلا ظلُّه .
من رواية البخاري ومسلم والترمذي رياض الصالحين /باب فضل السماحة في البيع والشراء
|
|
|
|